منتديات ديوانـية القاريـه و لـحيفه الرئيسـيـة

منتديات ديوانـية القاريـه و لـحيفه الرئيسـيـة (http://www.alqaryh.com/vb/index.php)
-   قسم الشعر والخـواطـر العـذبـة (http://www.alqaryh.com/vb/forumdisplay.php?f=37)
-   -   البخيل (http://www.alqaryh.com/vb/showthread.php?t=9988)

الغازي 02-12-2012 07:47 PM

البخيل
 
{وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ }?


البخيل نذل ، والبخل خلق رذل ، وحسبك أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعاذ من البخل ، وليت البخيل إذا علا مات ، لأن له على بخله علامات ، فمنها أن يفقد الصواب ، إذا طُرق الباب ، ويُكثر السباب ، عند رؤية الأجناب ، وإذا رأى الضيف ضاق صدره ، والتبس عليه أمره ، فتعلوه قشعريرة ، ويقع في حيرة ، ومنها أن يكثر الأعذار ، ليخرج نفسه من هذه الأخطار ، وإذا قام بضيافة ، نوّه بها وهوّ لها كأنه تولى الخلافة .
يذم الأجواد ، ويمدح الاقتصاد ، يتفجع إذا رأى طعامه يغرف من القدر ، تفجع الخنساء على أخيها صخر ، أوصى بخيل ولده ، وقد قطع بالإنفاق كبده ، فقال يا بني ما هذا الإسراف ، يا أيها المتلاف ، أما تخشى أما تخاف ، ما تؤثر فيك النصائح ، ولا تخاف الفضائح ، أين من كان يقتصد ، ويحفظ ماله ويجتهد ، كان أحدهم رحمه الله يضع ماله في صُره ، لِئلا يؤخذ على غِرّة ، ثم يُخرج الصرّة ، في كل سنة مرّة ، فيقرَأُ عليها المعوذات ، وأعوذ بكلمات الله التامات ، كان الرغيف يسد رمقه من الصباح إلى الليل ، لأنه يعلم أن الدهر أبو الويل ، فخلف من بعدهم خلف ، فيهم كل مسرف جلف ، يأكل في اليوم ثلاث وجبات ، ولا يتفكر في مصارع الأموات ، ليرتدع من هذه الزلات.
أما أخبار البخلاء ، فقد جمعها بعض الأدباء .
فمنها أن بخيلاً دخل بيته ونسي أن يغلق الباب ، فدخل على إثره فقير ممزق الثياب، فناوله البخيل قطعة خبزة ، ثم أخذ حبلاً وربطه وحزّة ، وقال والله لا أتركك تخيف مسلماً هذه الليلة ، أو تروع مؤمناً بكل حيلة .
وقدّم بخيل الطعام لضيوفه ، ثم جلس مهموماً محسورا ، وقال : إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا ، وطرق فقير باب بخيل ، وقد أظلم الليل ، فلم يفتح البخيل بابه ، ولم يرفع حجابه ، فصاح الفقير بصوت كسير : أين من كانوا يفرحون إذا رأوا أضيافا ، فرد البخيل بقوله : ماتوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافا .
وأعطى أحد الوزراء بخيلاً مائة ألف دينار ، حتى أصبح بها من الأغنياء الكبار ، فقال له جيرانه ، هنيئاً لك المبلغ الكبير ، فقال : والله ما هو بكثير ، وعندي زوجة وطفل صغير ، فإذا أراد أن يخرج منها دينارا ، قبَّله مرارا ، وقال : بأبي أنت وأمِّي ، ما أطيبك حيّا ، وما أطيبك ميتا .
وقال فقير لبخيل أعطني درهماً فقط ، فقال هذا غلط ، وجور وشطط ، لأن الدرهم مع الدرهم ، مائة درهم ، ثم يزيد إلى ألف ، ثم إلى مائة ألف ، فتريد أن تهدم مالي ، وتجوع عيالي بسؤالي ، وافرض أنني أعطيت درهما ، فلن ألبث حتى أصير مثلك معدما ، فأنت تريد أن تغشنا فارحل عنا ، ومن غشّنا فليس مِنّا .
ودخل رجل أكول على بخيل فقدم له غداءه ، وجلس حذاءه ، وقال له يوصيه ، اجعل ثلث بطنك للغذاء ، وثلثاً للماء ، وثلثاً للهواء ، قال الأكول : بل كلها للطعام ، يا سيد الكرام ، لأن الماء سوف ينش ، والهواء سوف يفش ، فقال البخيل : أنا منذر محذر ، ومن أنذر فقد أعذر .
واعلم أن البخيل كثير الأعذار ، دائم الإنذار ، فإن جئته مبكراً قال : مالك تقدمت، وإن أبطأت قليلاً قال : هداك الله تأخرت ، إذا حل به ضيف نسي الترحيب ، وقال : هذا يوم عصيب ، وإن طرق بيته طارق ، رآه كأنه سارق ، وإذا دخل عليه الضيف قلل الكلام ، وأكثر على أهله السب والخصام ، ولا يسأل الضيف عن أخباره ، بل تراه كثير القيام والقعود بداره ، وتراه لا يترك في البيت صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فهو يعرف ما له علاقة بالنفقة قد ضبطها ووعاها ، إذا نقص دينه ذكر المعاذير ، وأن الإنسان لا يسلم من التقصير ، فإذا أراد أحد التعرض لشيء من ماله ، أنكر بقلبه ويده ولسانِه ، وأظهر الحمية والأخذ بالثأر ولو من إخوانه ، قد هيأ العذر لكل حاجه ، وإلاّ لَمْ يَجِدْ استعمل الغضب واللجاجة ، فإن أتاه طالب ، ووفد إليه راغب ، قال الحقوق كثيره ، والحاجات كبيرة ، ويعيد عليك متن خير الناس ، من لا يحتاج إلى الناس ، وأفضلهم من كف عنه الباس .
ومن وصايا البخيل : عليكم يا إخوان بحفظ المال ، فإنه لا يعلم أحد بتغير الأحوال، والدنيا من حال إلى حال ، ولن ينفعك إلا مالك ، ولن يقف معك أعمامك وأخوالك ، واذكروا يا إخوان تقلب الزمان ، وقلة الأعوان ، فرحم الله من أمسك ديناره، وأغلق داره، ولم تخدعه الدنيا الغراره ، فعليكم بالاقتصاد ، فإنه مذهب الأجواد ، فقد أدركنا أقواماً من الصالحين ، كانوا يكيلون الطحين ، ويقتصدون حتى في شرب الماء، لِئلا تذهب أقوالهم هباء ، ومنهم من كان يفترش التراب ، وينام على الأخشاب ، ومنهم من كان يكتفي بوجبة ، في اليوم واحدة ، ليغيظ بجمع المال حاسده ، ثم يقول : وقد أدركت قوماً من الأولياء ، ينامون بلا عشاء ، ويكتفون بالفطور عن الغداء ،وكان أحدهم إذا حدثته نفسُه الأمارة بالسُّوء بشراء طعام ، لامها أشد الملام ، وخطمها عن شهواتها بخطام ، وزمّها عن رغباتها بزمام ، ولقد أدركت عبداً من الأبرار ، وولياً من الأخيار ، حدثته نفسه الأمارة ، بشراء خيارة ، فرجع على نفسه بالتوبيخ ، وأقسم لها لن يعطيها هواها ولو أرادت قطعة من البطيخ ، لأن القوم لما صحت منهم العقول ، تركوا الفضول ، وحفظوا أموالهم من كل مسرف جهول ، ولقد أدركنا مريم العابدة ، المقتصدة الزاهدة ، وكانت تبيع الفصفص ، ولها في ذلك علم وتخصص ، فإذا اجتمع لها ريال ، وضعتها وراء الأقفال ، وأقسمت بالله لا يزال حتى تزول الجبال ، وكانت رحمها الله ، إذا ظمأ الحمار ، ابطأت عليه بالماء ولو كان الماء في الدار ، لتعوّده التحمل والاصطبار ، وكانت تأخذ النخالة من الشعير ، فتجعلها كالخبز الفطير ، وكانت تمشي بين القرى ، تجمع قطع الفرى، وكلما وجدت عوداً أخذته ، وإذا مرت بحب جمعته ، فلا يأتي المساء ، إلا وقد أدركها الإعياء ، لكن يهون التعب ، ويذهب النصب ، إذا تذكرت صروف الأيام ، وطول الأعوام ، قال : وقد أدركت شيخاً كبيرا ، كان بالأيام بصيرا ، بقي عليه ثوبه عشرين عاما ، حتى أصبح الثوب ألواناً وأقساما ، فكلما انخرق الثوب خاطه برقعة، حتى صار مائة بقعة ، ثم جاء قوم من المبذرين ، لا يحبّون المنذرين ، يفني أحدهم ثوباً كل عام ، ولا يخاف العذاب والملام ، قال : ولقد أدركت حامد المقتصد ، وكان في حفظ المال يجتهد ، بقيت معه حذاؤه عشر سنوات ، وكان يمشي حافياً في الفلوات ، وربما حمل حذاءه بيده الكريمة ، خوفاً من العواقب الوخيمة ، فإذا نام جعلها تحت رأسه ، حرصاً عليها من غدر السارق وبأسه ، فانظر حرصهم رحمهم الله على حفظ المال ، وعدم اغترارهم بلوم الرجال ، فأين حالنا من حالهم ، ولذلك لا يقارن مالنا بمالهم ، ثم بكى حتى كادت أضلاعه تختلف ، وأخذ يقول ما أحسن أخبار من سلف، وما أكثر إسراف هؤلاء الخلف .



منقول من ((مقامات القرني))

عاشق زمانه 02-12-2012 08:56 PM

http://im14.gulfup.com/Jonu1.jpg

المهندس ماجد 02-12-2012 11:13 PM

هههههههه.

بارك الله فيك أبهجتي بالقراءة عن نوادر البخلاء

صاحب السمو 03-12-2012 01:11 AM

سوالفهم سوالف الله يسعدك يا شيخنا

عبدالله بن مفرح 04-12-2012 12:25 AM

البخل مذموم في كل الأقطار والأمصار ونحن ولله الحمد نعيش في رغد من العيش فقد كان البعض في زمن صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم يربط الحجر على بطنه من الجموع أما اليوم فإن البعض يربط معدته من التخمه .
ربما كان البخل يوماً من العدم أما بخيل اليوم فإنه لئيم بالإضافة إلى البخل وأسوأ البخل أن يبخل الإنسان على نفسه .
تحياتي يالغازي وفقك الله

الغازي 04-12-2012 04:52 PM

ادام الله عليكم نعمته وافراحه
وشكر الله سعيكم

أبو عبدالله 05-12-2012 07:23 PM

أمتعتنا وأفدتنا جزيت خيرا

حتى ظلي له مهابه 06-12-2012 01:46 AM

أخي الغالي الغازي


http://www.mobdi3ine.net/up/13547474932.gif



على هذا الطرح الرائع والجميل


تقبل مروري


ودمت بحفظ الرحمن

الغازي 07-12-2012 02:03 PM

ابو عبدالله
حتى ظلي له مهابه
بارك الله فيكم ونفع بكم وأثابكم
دمتم إخوان غالين


الساعة الآن 01:23 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
المجموعة العربية للاستضافة والتصميم

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

تطوير : ديوانية القارية ولحيفة

Security team