عرض مشاركة واحدة
 
 
قديم 05-08-2012, 12:33 PM   محمد الحاقان غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [22]
أديب وكاتب مميز
 

محمد الحاقان is on a distinguished road
افتراضي

العريفي والرئيس أوباما
3
05 اغسطس 2012، آخر تحديث 35:04
لا يزال محمد العريفي يمارس هوايته المفضلة في البحث عن الأضواء، مهما كانت النتيجة أو الطريقة، وآخر هذه كانت عزمه على إرسال رسالة للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يخوض معركة شرسة انتخابية مع الحزب الجمهوري. لكن دعونا نتخيل أن أوباما قرأ رسالة العريفي في هذا الوقت العصيب من إدارة البيت الأبيض، هل من المعقول أن يترك مستشارو أوباما قضايا الشرق الأوسط المعقدة ومشكلة سوريا وروسيا والصين ويضعوا مشكلات أمريكا الاقتصادية على جانب ويقرأوا رسالة داعية أغلب أتباعه من "البيض"...؟!
محمد العريفي يمثل حالة غريبة من الدعاة، فهو يتفنّـن برمي القنابل الموقوتة في (تويتر) تحديداً، وكأن المجتمع السعودي يعلق عليه آماله في البناء والتطور والتنمية، لكن ما لا يفهمه العريفي أن الزمن تجاوز أفكاره بكثير وبسنوات طويلة، فهجومه الشرس -مثلاً- على فتيات الوطن اللاتي يعملن كاشيرات أو في المحلات التجارية غير مبرر بتاتاً، بل هو دليل على أن ثقافة العريفي لا تتجاوز أمتاراً قليلة من ناظره، لأنه يبدو أنه لم يطلّع على أرقام البطالة المخيفة بين السعوديات، إلى جانب ممارسة الهدم بدلاً من التوجيه والبناء، وهذا يقودنا إلى تساؤل مهم وهو: ما هو دور الداعية أو الواعظ المفترض أن يكون في المجتمعات؟
ما يمارسه العريفي ليس دور داعية فقط، بل هو مستشار نفسي واجتماعي وأحياناً اقتصادي وكذلك سياسي، وكأنه "أبو العرّيف" الذي يقطف من كل حديقةٍ ثمرة، بالرغم من أن شهادة الدكتوراه التي نالها هي في العقيدة، وتحديداً في آراء ابن تيمية في الصوفية!
وقبل أيام قليلة قرأ وشاهد الجميع الدكتور العريفي وهو يحاضر أمام مجموعة من النساء في دبي...، وكأن نساء دبي يختلفن تماماً عن نساء السعودية اللاتي لا يلقين من العريفي إلا المضايقة في لقمة عيْشهنّ وتكسير أجنحتهنّ، أليس هذا تناقضاً؟!
يقول المفكر العراقي علي الوردي: "سرعة التصديق وسرعة الإنكار كلتاهما تدلان على سذاجة غير محمودة"، وهذا ما يفعله العريفي في أحايين كثيرة، فهو يؤجج "أتباعه" -كما يحب أن يسميهم- اتجاه قضايا لا ناقة له فيها ولا جمل، وكأنه يُمارس الوصاية على المجتمع السعودي، وحتى تشكيكه دوماً في نوايا الكتاب والمثقفين لمجرد أنهم اختلفوا معه فكرياً، فلا أحد يستطيع نسيان تغريدته حول الليبراليين وسباحة أزواجهم، وكأن العريفي وضع كاميرات مراقبة في فناء منزلهم! حالة العداء هذه المبنية على القصص الخرافية والفضائح الرخيصة هي حالة تدعو للتأمل في دور الداعية المفترض أن يكون، ونحن في مجتمعاتنا العربية نفتقد كثيراً للتخصص والاحترافية، ففي دول الغرب -التي هي أفضل منا صناعياً وحضارياً بكثير- من النادر أن تجد طبيباً يفتي لك في تخصص علم الاجتماع، أو تجد مهندساً يتحدث عن علم النفس كمتخصص، وهذه الاحترافية واحترام عقول الآخرين لا تأتي إلا عن طريق الوعي المتكامل اتجاه أفراد المجتمع، لكن بعض الذين يعتقدون أنهم المنقذون للمجتمع من الفساد الذي يحددونه بمقياسهم هم، وليس بمقياس الإنسان والمجتمع، وهذا مع الوقت سيسبب فجوة مهولة بين العلم والدين أكثر مما هي موجودة الآن في مجتمعنا.
كلنا نعيش في وطنٍ واحد على الرغم من اختلافاتنا الفكرية، ولكي نبني وطناً متسامحاً يؤمن بالإنسان لا بد أن ندع التأجيج الطائفي وشأنه، وألاً نمارس في حق أنفسنا والغير، الوصاية... وللأسف ما يفعله العريفي هو أسلوب غير مجدٍ في حل القضايا التي يواجهها مجتمعنا... وإذا ما أراد العريفي أن يكسب احترام كل "الأطياف" فلا بد أن يدعو إلى الخير والإحسان، لا أن يكون كل شيء!


التوقيع: نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
    رد مع اقتباس