الموضوع: كوكبة الأبطال
عرض مشاركة واحدة
 
 
قديم 07-07-2012, 12:25 AM   مخاوي الذيب غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [66]
( المشرف العام )
 

مخاوي الذيب is on a distinguished road
افتراضي



كلما نادى المؤذن هاتفاً : الله أكبر ، الله أكبر ، تمرّ بخيالنا ذكرى صاحب الصوت الندي بلال بن رباح رضي الله عنه مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكلما قرأنا عن الأوائل من الذين سارعوا إلى الدخول في الإسلام نذكر ان بلال بن رباح أول من دخل الإسلام من الأرقاء هي السيره العطره لهذا اليوم الجمعه 16/8/ 1433، فمَنْ هو بلال بن رباح ؟
هو بلال بن رباح الحبشي ، مولى الصديق رضي الله عنه ، كان شديد السمرة ، نحيفاً ، مديد القامة ، خفيف العارضين ، له شعر كثيف ، متواضعاً ، وكان عمر رضي الله عنه كلما رأى أبا بكر وبلالاً يقول : ( أبو بكر سيدنا و اعتق سيدنا ) .
وكان بلال عبداً لبعض بني جمح مع أمه ( حمامة ) التي كانت إحدي الاماء أيضاً ،. كانت حياة بلال كغيره من الرقيق ، ليس له شأن سوى الخدمه ، و أداء أعمال العبيد ، ثم أصبح عبداً لامية بن خلف الجمحي .
أخذت دعوة الإسلام تنتشر في مكة ، وبداء الناس يتحدثون عن الدين الجديد الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان بلال يسمع مايدور أحاديث عن محمد صلى الله عليه وسلم ، وعن الدين الذي يدعوا إليه ، فشعر بأرتياح يجتاح نفسه ، و اطمئنان يستقر في أعماقه ، وهفت نفسه نحو الإسلام إذا أحس بالنور يغلف قلبه . . و بينما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينشط في الدعوة إلى الإسلام ، ويدعو اليه أهل ثقته ومودته من الرجال الأحرار ، مثل عثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله ، و سعد بن أبي الوقاص ، كانت دعوته أيضاً تشمل الأرقاء ، فدعا بلال بن رباح الذي توطدت بينهما أواصر الصداقه منذ فترة وهما في تجارة إلى الشام ، وسرعان ما استجاب بلال ونطق بالشهادة ، وفي ذلك اليوم قابل بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من الأوائل في الإسلام ،
وعندما بدأت الدعوة الإسلامية تنتشر في مكة أخذ المتعصيون للأصنام و المشركين يذيقون المسلمين بالوان من العذاب ، و قرر المشركون إلا يتركوا المسلمين بسلام ، فإنفجرت قلوبهم بمشاعر الغضب و السخط .
لقد ترمى إلى سمع أمية بن خلف الجمحي ان عبده بلالاً قد أسلم وتبع محمد صلى الله عليه وسلم، وصار يسفه الأصنام و خاصة الصنم هبل ، فاشتد غضب أمية ، وغلى قلبه بنار الحقد و الكراهية ، وأسرع يسأل بلالًا عن ذلك فأجابة دون تردد أو خوف ؛ نــــعم ، أشهد ان لا إله إلا اللـه ، وان محمداً رسول الله .
وبدأت رحلة العذاب مـع بلال ، وراح سيده أميه بن خلف يذيقه من العذاب الوناً ، فكان يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخره العظيمة فتوضع علـى صدره ثم يقول له : لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد ، وتعبد آللات والعزى ، فيقول : وهو في ذلك البلاء : أحدٌ أحد .
و يتكرر عذاب بلال مع شروق كل يوم ، وبلال لا يتراجع عـن موقفه ، أو يفكّر مجرد تفكير بذلك ، فقد كان صلْب اليقين ، صابراً ، ولم يثنيه عـن إسلامه تعذيب ، ولم تنفع معه الإغراءات ، وبقي : يردّد : أحدٌ أحد ، و يعاود أميه بن خلف وبعض الكفار تعذيبه من جديد ، ويطلبون منـه ذكر آللات و العزى بخيـر فيقول : أحدٌ أحد .
ولم يتغير موقفه بلال حتى سئم أميه منه ، فشكا ذلك إلى أبي جهل ، الذي يذيقه مـن ألوان العذاب مالا طاقة لانسان به ، فيضيع في عنقه ينشد بصوته الرخيم : أحدٌ أحد ، فتقشعرّ جلود الكفّار ، و يسقط فيّ أيديهم ، و ينالهم التعب ، و يذهلون ،
و استمر أمية بن خلف في تعذيب بلال حتّى مر به أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه يوماً و هم يصنعون به ذلك فقال لأميه : إلا تتقي الله في هذا المسكين فقال : أنتَ أفسدته ، فإنقذه مما ترى ، فاشتراه أبو بكر بخمس أواق و اعتقه لله تعالى وكان أبو بكر قد اعتق ست رقاب قبل بلال ، وكان بلال سابعهم ..
وتخلص بلال مَن العذاب ، ونال أبو بكر أجره مَن الله رب العالمين ، واصطحب أبو بكر بلالاً ، وتوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستوقفه أمية بن خلف قائلاً له : خذه ، فو اللات و العزى ، لو أبيت إلا ان تشتريه بأوقية لبعته بها ، فيجيبه أبو بكر رضي الله عنه : ( والله لو أبيتم إلا ادفع مائة أوقية لدفعتها ) ،
ولقد سر النبي صلى الله عليه وسلم بتحرير بلال ، واستبشر المسلمون أيضاً بحرية هذاَ السابق الأواب ، والذي أصبح فيما بعد مؤذن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في السفر و الحضر ، و أول من إذن له في الإسلام ..
واكرم الله تعالى بلالاً ، فحباه صوتاً جميلا مؤثراً في النفوس ، فكان يؤذن لرسول صلى الله عليه وسلم في السفر و الحضر ، وكان بلال مشهوراً من قبلُ عند أهل مكة بصوته العذب الجميل ، فكان عندما يؤذن يعمّ المدينة السكون ، وحينما يسمع المسلمون صوته الندي يهبون مسرعين للصلاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
ولم يكن بلال رضي الله عنه يمتلك صوتاً عذباً ندياً فحسب ، بل كان يمتلك شجاعة نادرة لا يمتلكها إلا الأشداء من الرجال ، فقد شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان له أثر كبير في تلك الغزوات .
ولقد ظل بلال رضي الله عنه ملازماً للرسول صلى الله عليه وسلم تقرّ عينه برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم كل يوم في أوقات الصلاة ، وفي غيرها ، سامعاً مطيعاً ، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعة و أربعين حديثاً ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم بلالاً إكرأماً عظيماً ،ويُسر بوجوده ، ويجده الراحة عندما يؤذن له ، وكان صلى الله عليه وسلم يفضل بلالاً وفقراء المسلمين عن غيرهم من سادة الناس ، ويجلس معهم وقتاً طويلاً ، ويحدثهم و يكرمهم ،
ولقد ظل بلال رضي الله عنه قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقر عينيه برؤية الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة حياته إلى ان توفي الرسول صلى الله عليه وسلم والتحق بالرفيق الإعلى ،ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى على فراشه ، فانحدر الدمع غزيراً من عينيه ، وشعر بالحزن العميق يستقر في أعماقه ، وأحس بفراغ كبير ، وتسال : لمن يؤذن ؟ .
ثم صلى عليه وخرج إلى بيته حزيناً تتساقط الدموع على وجنيتيه ..
ولم يستطع بلال رضي الله عنه أن ينام تلك الليله ، لشدة حزنه على فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحين اقترب موعد الفجر خرج بلال إلى المسجد ليؤذن كعادته كل يوم ، ويقف يدعو ربه قبل الفجر إلى ان جاء وقت الآذان فارتفع صوت بلال ندياً جميلاً رائعاً :
الله أكبــــــر الله أكبــــــر
الله أكبــــــر الله أكبـــــــر
أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله
وعندما وصل إلى : أشهد ان محمداً رسول الله ، احتبست الكلمات في فيه ، ولم يعد يتمالكُ نفسه ، فاخذت الدموع تنهمر من عينيه انهماراً ، وتبللُ خديه ، وسمع الناس انقطاع الآذان ، وبكاء بلال ، فبكوا في المسجد ، ثم تغلب بلال على عبارته آلمتدفقه فاكمل الآذان في صوت هادي منخفض ،
ولما دُفن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بلال إلى المسجد ، وجلس في ناحية منه معتزلاً الناس ، حزيناً باكياً ، شارد الفكر ، وحان وقت الآذان ، وانتظر المسلمون بلالاً ليعطر إسماعهم بصوته النديّ ، ولكنه لم يؤذن ، فقيل له ، : الآذان يا بلال ، فقال- والدموع في عينيه - : ( لن أؤذن بعد اليوم ، فليؤذن غيري ) ....
وعندما تولي الخلافه أبو بكر رضي الله عنه قال لبلال : ( إذن : فابي بلال وقال له : إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فامسكني ، وان كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعملي لله )
فقال أبو بكر : ما إعتقتك إلا لله ،و أجابه بلال و الحزن مرتسم على وجهه : فإني لا أؤذن لإحد بعد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم )
واراد بلال رضي الله عنه بعد موت آلنبي صلى الله عليه وسلم ان يخرج إلى الجهاد ، فمنعه أبو بكر و قال : إنشدك بالله يا بلال ! وحرمتي وحقي فقد كبرت وضعفت واقترب أجلي ، فاقام معه حتى توفي ،
ثم آتى عمر رضي الله عنه فرد عليه ، فابى بلال ، فقال من ترى ان اجعل النداء ؟ قال : إلى سعد ، فقد إذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله عمر إلى سعد وعقبه ،
فقال بلال : احن إلى الجهاد يآ أمير المؤمنين
، وارى ان الجهاد أفضل الأعمال ، فقال له عمر : لك ماتريد يا بلال ..
وإذن له، فخرج إلى الشام ، ولحق به بجيش أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، وظل مجاهداً في سبيل الله .
ويزور عمر بن الخطاب بلال في الشام ، وتوسل المسلمين إلى عمر ان يطلب من بلال ليؤذن لهم ولو بصلاة واحده ، ولما حان وقت الصلاة رجاه عمر ان يؤذن لها ، واستجاب بلال لطلبه ، وصعد بلال ،فارهف الناس سمعهم ، وانطلق صوته الندي يسري كالنسيم ، ويسمع الناس صوته للمره الأولى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُر يوما كان أكثر باكياً من يومئذٍ ، وذكراً منهم للنبي صلى الله عليه وسلم .
تلك هي رحلة صحابي عظيم ، كان من السعداء باع نفسه لله فربح البيع ، وتأتي سنة عشرون بعد الهجره النبويه الشريفه ، ويجتاح الشام طاعون قضى على حياة كثير من الناس ، ومرض بلال حتى غارت عيناه ، وتغير لونه ، وتقول له زوجة مواسية له : كيف حالك يا أبا عبد الله ؟ فيقول : دنا الفراق . فقالت له : وأحزناه .. وأحزناه .. وعندها فتح عينيه وهو يصارع المرض ويجود بانفاسه الأخيرة :
( بل وافرحتاه ، غداً نلقي الإحبّه ، محمداً وصحبه ) .

منقول بتصرف يليق بكوكبة الأبطال


التعديل الأخير تم بواسطة مخاوي الذيب ; 07-07-2012 الساعة 12:42 AM.
التوقيع:
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
مخاوي الذيب
    رد مع اقتباس