عرض مشاركة واحدة
 
 
  #1  
قديم 24-03-2018, 07:24 PM عبدالله بن مفرح غير متواجد حالياً
الصورة الرمزية عبدالله بن مفرح
 
المسؤل عن الموقع وإدارته
 


افتراضي رأي في تفسير تبرج الجاهلية الأولى

تبرُّج الجاهليّة الأولى ورد ذكر تبرّج الجاهليّة الأولى في القرآن الكريم في سورة الأحزاب في قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)؛[٣] فالآية القرآنيّة الكريمة تبدأ بالأمر الربانيّ للنّساء بالبقاء في البيوت، ثمّ أتبع أمرهُنّ بأن يبقينَ في بيوتهنّ بالنّهي عن التبرّج، وخصّ النّهي بتبرّج الجاهليّة الأولى، ثمّ أتبع هذا النّهي بالأمر بالصّلاة، والأمر بإيتاء الزكاة، ثمّ الأمر للنساء بأن يُطِعن الله ورسوله، ونتيجة التزامهنّ بهذه الأوامر والنّهي الوحيد بينها بعدم التبرّج تبرّجَ الجاهليّة الأولى؛ أنّ لهنّ الطُّهر والنّقاء الذي يليق بالعفيفات الطّاهرات المُؤمنات.[٤] وأما معنى تبرّج الجاهليّة الأولى فقد وردت في تفسير حال النّساء في الجاهليّة الأولى عدّة تفاسير، على النحو الآتي:[٥] قيل: إنّ النساء كُنّ يلبسْنَ درعاً من اللؤلؤ وهو غير مخيط من الجانبين، وكُنَّ يلبسْنَ الثّياب الرّقاق، ولا يوارين ولا يسترن أجسادهُنّ. وقيل: كانت المرأة تلبس قميصاً من الدُّرّ، والقميص غير مخيط من الجانبين. وقال المبرد وهو أبو العبّاد: كانت النّساء في الجاهليّة الأولى -وكان يسميها الجاهليّة الجهلاء- يُظهِرن ما يُعدّ إظهاره قُبحاً. وقال مجاهد: تبرّج الجاهليّة الأولى هو تمشّي النّساء بين الرّجال. وقال ابن عطيّة: أنّها إشارة للجاهليّة التي لحقتها نساء النبيّ -عليه الصلّاة والسّلام- فجاء الأمر لهنّ بالانتقال عن السيرة الأولى الجاهليّة، وهي ما كانت عليه النساء قبل الإسلام من سيرة الكُفّار؛ لأنّهم كانوا فاقدي الغيرة، ولا يغارون على نسائهم وأعراضهم، وكان حال النساء دون حجاب؛ ولذلك وُصِفت تلك الفترة بالجاهليّة الأولى. التّوقيت الزمنيّ للجاهليّة الأولى فيما يخصّ التّوقيت الزمنيّ للجاهليّة الأولى، فهناك عدّة أقوال لأهل العلم في وقتها، ومتى كانت، وذلك على النحو الآتي:[٦] كانت على عهد إبراهيم عليه السّلام؛ فقد أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أمّ المؤمنين عَائِشَة -رَضِي الله عَنْهَا- أَنَّهَا تلت الْآيَة الكريمة: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ...)،[٣] فَقَالَت: الْجَاهِلِيَّة الأولى كَانَت على عهد النبيّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام. وحدّد بعض أهل العلم الجاهليّة الأولى، وقالوا بما أنّ هناك جاهليّةً أولى؛ فهناك جاهليّةٌ أُخرى، فقالوا: إنّ الجاهليّة الأولى هي الجاهليّة التي وُلِد فيها إبراهيم عليه السّلام، والجاهليّة الآخِرة هي: الجاهليّة التي وُلِد فيها محمّد -عليه الصّلاة والسّلام- وهذا القول أخرجه ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه. عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه- وجرير عن الشعبيّ: أنّ الجاهليّة الأولى هي تلك الجاهليّة التي تمتدّ في الفترة بين عيسى -عليه السّلام- ومحمّد عليه الصّلاة والسّلام. مظاهر التبرُّج ولتبرُّج المرأة مظاهر كثيرة، ربما تتعلّق أحياناً بملابسها، وربما تتعلّق أحياناً أُخرى بتصرُّفاتها وسلوكها، وتتلخّص مظاهر تبرّج المرأة بأهمّ المظاهر الآتية:[٧] خلع الحجاب. إبداء المرأة مفاتِنَها، وإظهارها شيئاً من جسدها. إظهار المرأة زينتها المُكتسَبة أمام الرّجال الأجانب عنها. تثنّي المرأة وتكسُّرها في مشيتها أمام الرّجال. الضّرب بالأرجُل؛ لتظهر بعض زينتها وتخفيها؛ وهذا من شأنه أن يُحرِّك شهوة الرّجال. الاختلاط بالرّجال من غير حاجة. ملُامسة أجسادهنّ أجسادَ الرّجال بالمُصافحة، أو عن طريق التّزاحم في الأماكن العامّة. الخضوع بالقول، واللين في الكلام مع الرّجال الأجانب عنهنّ. حُكم التبرُّج وأدِلّته الشرعيّة ورد تحريم التبرُّج تحريماً قطعيّاً في الشّريعة الإسلاميّة، بل إنَّ الله تعالى قد قرَن التبرّج بالجاهليّة الأولى وأهلها الذين لا علم عندهم ولا دين؛ للدِّلالة على تحريم التبرُّج، وأنّه من الجاهليّة وليس من أفعال المؤمنين والمؤمنات الطّاهرين والطّاهرات العالمين بمساوئ التبرّج، وآثاره، ونتائجه التي تُفسِد المجتمع، وتؤدّي إلى الإباحيّة والزِّنا.[٨] أدِلّة القرآن الكريم من الأدلّة على تحريم التبرُّج في القرآن الكريم ما يأتي: قوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا*وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).[٩] قوله تعالى: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).[١٠] قوله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[١١] أدِلّة السُّنة النبويّة من الأدلّة على تحريم التبرُّج في السُّنة النبويّة ما يأتي: عن ميمونة مولاة النبي -عليه الصّلاة والسلّام- أنّه قال: (المرأةَ الرّافلةَ في الزّينةِ في غيرِ أهلها، كمِثلِ ظُلمةِ يومِ القيامةِ لا نورَ لها).[١٢] ما رُوِي عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قال: (صنفانِ من أهلِ النّارِ لم أرَهما: قومٌ معهم سِياطٌ كأذنابِ البقرِ؛ يضربون بها الناسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ، مُميلاتٌ مائلِاتٌ رؤوسُهنَّ كأسنِمَةِ البختِ المائلةِ، لا يدخُلْنَ الجنّةَ ولا يجِدْنَ ريحَها، وإنّ ريحَها ليوجد من مسيرةِ كذا وكذا).[١٣] وقد فُسِّر الحديث النبويّ الشريف المرويّ عن أبي هريرة بأنّ المقصود منه أن تكتسيَ المرأة بحيث تكون ملابسها بما لا يسترها؛ فهي تُعدّ كاسيةً، ولكنّها في حقيقة الأمر عارية، وذلك مثل أن تلبس وتكتسي بالثوب الرّقيق؛ بحيث يصف بشرتها تحته، أو تكتسي بالثوب الضيّق الذي يُبدي مقاطع جسدها وتفصيلاته؛ لأنّ ملابس المرأة المُسلمة الشرعيّة في الحقيقة هي الملابس التي تسترها ستراً كاملاً؛ فالمطلوب أن يكون لبسها كثيفاً، وألّا يُبدي جسدها، ولا يصف أعضاءها ولا لون بشرتها؛ بسبب رقّته وصفائه، والمطلوب أن يكون لبسها واسعاً فضفاضاً، فلا يُبدي تقاطيع جسمها؛ لضيقه، فالمرأة المُسلمة مأمورة بالاستِتار والاحتِجاب؛ لأنّ جسمها عورة؛ ولهذا فقد أُمِرت أن تُغطّي رأسها حتّى وهي في الصّلاة ولو كانت في جوف بيتها ووسطه، فلا يراها أيّ أحدٍ من الرجال، فدلّ هذا الأمر على أنّها مأمورةٌ من جهة الشّرع في الصلاة بسترٍ خاصٍّ للمرأة فقط، وذلك حقّ لله تعالى، حتّى وإن لم يرَها أيُّ بشر.

منقول[١٤]
التوقيع: نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس