عرض مشاركة واحدة
 
 
قديم 15-01-2012, 09:32 PM   المهندس ماجد غير متواجد حالياً   ÑÞã ÇáãÔÇÑßÉ : [18]
عضو
 

المهندس ماجد is on a distinguished road
افتراضي

طــه حسين

كان صغيرا عندما قرأنا عنه في سيرته الذاتية "الأيام" وكبر مع الأيام ونضجت أفكاره التي كانت جديدة في تلك الفترة من بدايات القرن العشرين..كان ما يزال صبيّا يدرس في الكتاب ثم انتقل إلى الأزهر حيث اطّلع على أفكار شيوخه فأنتقدها بل وسخر من بعضها الأمر الذي دفع بالبعض إلى اعتباره"خطرا" على المسلمات التي كانت تعتبر من المقدّسات غير القابلة للجدال أو المساس بها.


هو عميد الأدب العربي طه حسين الذي قهر العمى فكان مثالا للتحدّي والانتصار على كل العوائق، وكان الشمعة التي أنارت درب أمّة.قال عنه عباس محمود العقاد"1" إنه"رجل جريء العقل مفطور على المناجزة، والتحدي فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم، والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير."


طه حسين الذي أثرى خزانة الأدب العربي بالعديد من المؤلفات التي انتشرت وأخذت صدى كبيرا في الميدان الفكري والثقافي. إن ما تركه حسين يعتبر كنزا وثروة لمل تميّزت به من جدّة في البحث وعمق في تناول المسائل الأدبية العربية. لقد خرج طه حسين من النطاق الضيّق المحلي إلى مجال العالمية بمواقفه وجرأته على مستوى التناول والطرح لمجمل القضايا الفكرية.


ولد الأديب والناقد الكبير طه حسين يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1889 في إحدى القرى بالقرب من مغاغة بمحافظة المنيا في الصعيد الأوسط المصري، لعائلة متواضعة الحال حيث كان والده يعمل موظفا ولديه عدد كبير من الأبناء كان طه أوسطهم، عانى وهو مازال صغيراً من مرض الرمد في عينيه، ونظراً لسوء العلاج الذي تلقاه حينها فقد بصره، وهو في مرحلة الطفولة.


ورغم فقدانه لبصره لم يتوان عن طلب العلم والمعرفة فالتحق بالأزهر سنة 1902 كي يبدأ رحلته التعليمية، إلا أنه اصطدم بعديد العراقيل لعلّ أهمها عدم توافق أفكاره مع أفكار أساتذته "شيوخ الأزهر" الذين نعتهم يالتقليديين والتمسك بالأفكار"البالية" ورفض التفتح والتجديد والاطلاع على ثقافات الغير بل ونعتهم بالأصنام، فكثر الجدال ودخل معهم في مشاكل دائمة حيث كان يعارضهم في كثير من مسائل النحو وأمور اللغة والأدب بصفة عامة.


قرر طه حسين أمام هذا الوضع الذي أرّقه كثيرا الانتقال إلى جامعة عادية سنة 1908 أين تلقّى دروس الحضارة الإسلامية والحضارة المصرية القديمة، بالإضافة إلى التاريخ وعلم الجغرافيا، إلى جانب دراسة اللغات السامية والأدب والفلسفة، فكان تكوينه شاملا ومحيطا بكل صنوف المعارف.


خلال هذه الفترة قام بإعداد رسالة الدكتوراه عن الشاعر الكبير الفيلسوف أبي العلاء المعرّي"2" ومناقشتها يوم 15 مايو/آيار عام 1914 .


* باريس.. محطّة فارقة


لم يكتف طه حسين بهذا القدر من العلوم التي تلقاها ودرجة المعرفة التي وصل إليها بل قرّر الانتقال إلى فرنسا كي يكمل دراسته ويزيد من الاطلاع على أبحر العلوم..


انتقل حسين إلى عاصمة الأنوار باريس للدراسة بجامعة "السوربون" سنة 1915 ليمضي بها أربع سنوات حقّق خلالها النجاح تلو النجاح فقد حصل على درجة "الليسانس" بامتياز، كما حصل على شهادة الدكتوراه عن رسالة أعدها باللغة الفرنسية موضوعها "دراسة تحليلية نقدية لفلسفة ابن خلدون الاجتماعية".


وفي فرنسا التقى بشخصية رائعة كانت له السند والخليل الذي ملأ حياته.. هذه الشخصية هي السيدة سوزان التي تزوجها في عام 1917، وكان لهذه السيدة عظيم الأثر في حياته فقامت له بدور القارئ فقرأت عليه الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تم كتابتها بطريقة" بريل" حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها إنه "منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم"، وكان لطه حسين ابنان هما أمينة ومؤنس.


* حياته العملية


شغل عميد الأدب العربي عديد المناصب، والمهام، نذكر منها تدريسه للتاريخ اليوناني، والروماني، وذلك في عام 1919 بالجامعة المصرية بعد عودته من فرنسا، ثم أستاذا لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب وتدرج فيها في عدد من المناصب، ولقد تم فصله من الجامعة بعد الانتقادات، والهجوم العنيف الذي تعرض له بعد نشر كتابه "الشعر الجاهلي" عام 1926، ولكن قامت الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتعاقد معه للتدريس بها.


وفي عام 1942 أصبح مستشارا لوزير المعارف ثم مديرا لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1944، وفي عام 1950 أصبح وزيراً للمعارف، وقاد دعوة من أجل مجانية التعليم وأحقية كل فرد أن يحصل على العلم دون حصره على الأغنياء فقط.


كما تقلّد طه حسين منصب رئيس تحرير لعدد من الصحف، وقام بكتابة العديد من المقالات، هذا بالإضافة لعضويته في العديد من المجامع العلمية سواء داخل مصر أو خارجها.


* أعماله الأدبية


أثرى طه حسين المكتبة العربية بالعديد من الأعمال والمؤلفات، وكانت هذه الأعمال الفكرية تحتضن الكثير من الأفكار التي تدعو إلى النهضة الفكرية، والتنوير، والانفتاح على ثقافات جديدة، هذا بالإضافة لتقديمه لعدد من الروايات، والقصة القصيرة، والشعر.


نذكر من أعماله المتميزة " الأيام" عام 1929 والذي يعدّ من أشهر أعماله الأدبية، كما يعتبر من أوائل الأعمال الأدبية التي تناولت السيرة الذاتية.


ونذكر من أعماله أيضا "حديث الأربعاء" و"على هامش السيرة" و"مستقبل الثقافة في مصر" و"الوعد الحق" و" الشعر الجاهلي" و" المعذبون في الأرض" و" دعاء الكروان" و" فلسفة ابن خلدون الاجتماعية" و" مع أبي العلاء في سجنه" و"الديمقراطية في الإسلام" و"شجرة البؤس" و"أديب" و"جنة الشوك" و"الشيخان" و" في مرآة الصحفي".
كما قام بترجمة عدد من المؤلفات الهامة إلى العربية، وترجمت مؤلفاته هو شخصيا إلى عدد من اللغات، وله العديد من البحوث والدراسات.



* آراؤه وأقواله


حفلت آراء طه حسين بالعديد من المواقف ******* للواقع آنذاك وللكثير من المفاهيم السائدة وللمناهج التعليمية. يقول في كتابه" مستقبل الثقافة في مصر": "أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم، لنكون لهم أندادا، ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يُكره، وما يُحمد منها وما يُعاب" "ص41 ".


و دعا حسين إلى نهضة أدبية، وعمل على الكتابة بأسلوب سهل واضح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها، ولقد أثارت آراءه الكثيرين كما وجهت له العديد من الاتهامات، ولم يبال طه بهذه الثورة ولا بهذه المعارضات القوية التي تعرض لها ولكن أستمر في دعوته للتجديد والتحديث، فقام بتقديم العديد من الآراء التي تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة فقد أخذ على المحيطين به ومن الأسلاف من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية في تدريس الأدب العربي، وضعف مستوى التدريس في المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها.


كما دعا إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب، هذا بالإضافة لأهمية إعداد المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية، والأدب ليكونا على قدر كبير من التمكن، والثقافة بالإضافة لاتباع المنهج التجديدي، وعدم التمسك بالشكل التقليدي في التدريس.


من المعارضات الهامة التي واجهها طه حسين في حياته تلك التي كانت عندما قام بنشر كتابه "الشعر الجاهلي" فقد أثار هذا الكتاب ضجة كبيرة، والكثير من الآراء المعارضة، وهو الأمر الذي توقعه طه حسين، وكان يعلم جيدا ما سوف يحدثه فمما قاله في بداية كتابه: "هذا نحو من البحث عن تاريخ الشعر العربي جديد لم يألفة الناس عندنا من قبل، وأكاد أثق بأن فريقا منهم سيلقونه ساخطين عليه، وبأن فريقا آخر سيزورون عنه ازورار ولكني على سخط أولئك وازورار هؤلاء أريد أن أذيع هذا البحث أو بعبارة أصح أريد أن أقيده فقد أذعته قبل اليوم حين تحدثت به إلى طلابي في الجامعة."


* مناصب وجوائز


حاز مناصب وجوائز شتى، منها تمثيلة مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية في مدينة فلورنسا بأيطاليا سنة 1960، وانتخابه عضوا في المجلس الهندي المصري الثقافي، والأشراف على معهد الدراسات العربية العليا، واختياره عضوا محكما في الهيئة الدبية لطليانية والسويسرية، وهي هيئة عالمية على غرار الهيئة السويدية التي تمنح جائزة بوزان. ولقد رشحته الحكومة المصرية لنيل جائزة نوبل.


وفي سنة 1964 منحته جامعة الجزائر الدكتوراة الفخرية، ومثلها فعلت جامعة بالرمو بصقلية الإيطالية، سنة 1965. وفي السنة نفسها ظفر طه حسين بقلادة النيل،إضافة إلى رئاسة مجمع اللغة العربية.


وفي عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراة الفخرية، وفي سنة1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي، ورشح من جديد لنيل جائزة نوبل، وأقامت منظمة اليونسكو الدولية في اورغواي حفلا تكريميا أدبيا قل نظيره.و أيضا كان وزيرا للتربية و التعليم في مصر.توفى طه حسين في 28 أكتوبر/تشرين الأول 1973، وهي نفس السنة بل نفس الشهر الذي حققت فيه مصر انتصارها بعبور قناة السويس محطمة قبضة الاحتلال الإسرائيلي.


الهوامش


"1"- شاعر وأديب وناقد مصري ولد في أسوان عام 1889 لأم من أصول كردية وتوفي عام 1964. أسس بالتعاون مع إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان"، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق.من مؤلفاته: "الشذور والإنسان الثاني"،"ساعات بين الكتب"،"يقظة الصباح"،" وهج الظهيرة"،"أشباح الأصيل"،"هبة الكروان"، "سعد زغلول"، "رجعة أبي العلاء"،"عبقرية محمد".


"2"-هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري "363 هـ - 449 هـ"،"973-1057م"، شاعر وفيلسوف وأديب عربي من العصر العباسي، ولد وتوفي في معرة النعمان في الشمال السوري. لقب بـرهين المحبسين بعد أن اعتزل الناس لبعض الوقت رهين المحبسين كتب كثيرا ولم يبق سوى القليل. اشتهر بآرائه وفلسفته المثيرة للجدل في وقته..كل الشكر للعرب أون لاين والكاتب شادي زريبي.

منقول للفائدة


التوقيع:

    رد مع اقتباس