كيف نحترم أنفسنا ونمارس حريتنا ؟
 
 
 
 
 
 
 
 
يقول شخص لآخر في موقف معين " احترم نفسك " 
 
 
 
ويقول الناس عن شخص أنه " إنسان يحترم نفسه " .
 
 
 
ويستخدم أكثر الناس عبارة " احترم نفسك " في مواقف معينة لتؤدي غرضها , ولكن لا يدرك
 
 
 
بعضهم أبعاد المعاني العميقة التي تحملها .
 
 
 
 
فما الفرق بين احترام النفس واحترام الآخرين ؟ 
 
 
 
لماذا لا نقول للآخر " احترمنا " بدلاً من أن نقول له " احترم نفسك ؟ " .
 
 
 
والحقيقة أن احترام النفس هو الأساس , وما احترام الآخرين إلا نتيجة طبيعية لاحترام النفس , 
 
 
 
فالذي يحترم نفسه يعرف حدوده في كل شيء فيتوقف عندها ولا يتجاوزها إلى حدود الآخرين , 
 
 
 
ولهذا فإن الذي يتجاوز حدوده معك ويقول : " أنا حر " ليس حراً , لأن حريته تنتهي عند حدودك
 
 
 
فإذا اقتحمها لم يعد حراً وإنما أصبح معتدياً , وهذا هو الفرق بين الحرية والعدوان . 
 
 
 
لا يوجد إنسان حر بالمعنى الذي لا يعرف الحدود , والحرية إطارها احترام النفس بمعنى احترام
 
 
 
الحدود وعدم تجاوزها إلى الغير . 
 
 
 
فما دمت صادقاً مع نفسك قائماً بواجباتك في كل اتجاه , معطياً لكل ذي حق حقه , لا تظلم , لا تغش
 
 
 
, لا تكذب , لا تَنُم , لا تحقد , لا تغدر , لا تمكر , لا تخون , لا تعتدي , عادلاً , أميناً , مخلصاً , وفياً 
 
 
 
, فثق تماما أنك إنسان حر مكتمل الحرية ولن تنقص حريتك إلا عندما يحدث خلل في إحدى هذه 
 
 
 
الصفات , وعندما يحدث هذا الخلل معناه أنك تجاوزت حدود حريتك واعتديت على الآخرين , لأن في
 
 
 
عدم الأمانة أو عدم العدل كما في الكذب والحقد والغدر إضراراً بالغير , وعندما تضر بالغير فإنك -
 
 
 
في أعماقك - تفقد التوزان , وتفقد السلام في داخلك ويبدأ ضميرك يشعر بالذنب , وبالتالي تفقد 
 
 
 
احترامك لنفسك , وتفقد حريتك , وينتج عن ذلك كله عدم احترام الآخرين لك لأنك تصبح في نظرهم
 
 
 
متهماً وناقصاً بسبب الصفات التي فرطت فيها .
 
 
 
والمقصود باحترام الناس هنا ليس الاحترام الظاهري الذي يحصل عليه المرء بسبب الجاه 
 
 
 
أو السلطة , وإنما المقصود هو ما يتركه سلوك الفرد وأعماله من أثر في نفوس الآخرين 
 
 
 
على شكل محبة ومودة وتقدير ينعكس على موقفهم منك بينهم وبين أنفسهم وأمام الغير .
 
 
 
هذه حدود العلاقة بين احترام الإنسان لنفسه واحترامه للآخرين ومعرفته بحدود حريته .
 
 
 
فالإنسان حر ما دام يحترم نفسه ويعرف حدوده مع الآخرين .
 
 
 
وقد وضع الإسلام ثوابت أخلاقية وسلوكية إذا ما عمل بها الإنسان ارتقى إلى أعلى مستويات
 
 
 
التحضر , ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل بأساس دستور المعاملات بين الناس في الإسلام المتمثل 
 
 
 
في أقوال أحسن الناس أخلاقا محمد صلى الله عليه وسلم , ومنها قوله : 
 
 
 
 
 
 
 
" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " [ رواه البخاري ] .
 
 
 
 
 
" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " [ رواه الترمذي وابن ماجه ] .
 
 
 
 
 
" لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم , ولا تطلبوا عوراتهم " [ رواه أحمد ] .
 
 
 
 
 
" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء " [ رواه البخاري في الأدب المفرد ] .
 
 
 
 
 
" رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى " [ رواه البخاري ] .
 
 
 
 
 
" من حمل علينا السلاح فليس منا , ومن غشنا فليس منا " [ رواه مسلم ] .
 
 
 
 
 
" المؤمن مرآة أخيه , والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه " [ رواه البخاري في الأدب المفرد ] . 
 
 
 
 
 
" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " [ متفق عليه ] .
 
 
 
 
 
" تبسمك في وجه أخيك صدقة " [ رواه الترمذي ] .
 
 
 
 
 
" إياكم والظن , فإن الظن أكذب الحديث , ولا تحسسوا ولا تجسسوا , ولا تنافسوا , ولا تحاسدوا ,
 
 
 
ولا تباغضوا ولا تدابروا , وكونوا عباد الله إخواناً " [ متفق عليه ] .
 
 
 
 
 
" من لا يشكر الناس لا يشكر الله " [ رواه الترمذي ] .
 
 
 
 
 
" امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين " [ رواه أحمد ] .
 
 
 
 
 
" بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " [ رواه مسلم ] . 
 
 
 
 
 
 
أحـاديث نـبوية ومبـادئ أخلاقيـة إسلاميـة تعد بالعشرات تصب جميعاً في دائرة التعامل بين الناس ,
 
 
 
تضع له القواعد المثلى وتنظمه وتخط له حدوده , فمن عمل بهذه القواعد وجعلها نظام حياتـه 
 
 
 
وعرف مع نفسه ومع الناس حدوده أصبح أوسع خَلق الله حرية في هذا الكون , وأكثرهم احتراماً 
 
 
 
لنفسه , فـيـظـفـر باحتـرام مـن النـاس ليـس لـه حــدود .
 
 
لكم جميعاً إحترامي