البحث عن السعادة هاجس الإنسان في كل مكان
 
 
وما أكثر من يخطىء طريقها ويسير وراء أوهام السعادة
 
 
فلا يجني إلا الشقاء والتعاسة , 
 
والمؤمن الحق هو الذي يعرف طريقالسعادة 
والحياة الطيبة فيطمئن للعيش في رحابها ,
ولا تقف الهموم والمنغصات في وجهه 
لتحجب عنه تلك السعادة لأن سعادته ينبوع فياض
يتفجر كما بتفجر الماء من الصخر نقياعذبا . 
 
 
 
 
 
يحكي الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله 
 
 
: قصة رجل الذي أصيب في أواخر عمره بتوهم 
 
 
أن في أمعائه ثعبانا , فراجع الأطباء 
 
وسأل الحكماء فكانوا يدارون الضحك 
حساء منه ويخبرونه أن الأمعاء قد يسكنها الدود 
ولكن لا تقطنها الثعابين , فلا يصدق ,
حتى وصل إلى طبيب حاذق بالطب , بصير 
بالنفسيات قد سمع بقصته , فسقاه مسهلا 
وأوهمه أن الثعبان قد نزل منه فأحس بالعافية
ونشط جسمه , وكان قبلها يتحامل 
على نفسه , ويلهث إعياء ويئن وتوجع !! 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ويختم الشيخ الطنطاوي القصة العجيبة 
 
 
 
 
 
 
ثم يقول : " إنكم أغنياء ولكنكم لا تعرفون مقدار الثروة 
 
 
التي تملكونها فترمونها زهدا فيها أو احتقارا لها . 
 
 
يصاب أحكم بصداع أو مغص أو وجع الضرس ,
 
فيرى الدنيا سوداء مظلمة , فلماذا لم يرها لما كان صحيحا
بيضاء مشرقة ؟ لماذا لم تعرفون النعم إلا عند فقدها ؟ 
لماذا لم نرى السعادة إلا إذا ابتعدت عنا ,
ولا نبصرها إلا غارقة في 
ظلام الماضي , أو متشحة بضباب المستقبل ؟ 
من يرضى منكم أن ينزل عن بصره
ويأخذ مائة ألف دولار ؟ لماذا تطلبون الذهب 
وأنتم تملكون ذهبا كثيرا ؟ أليس البصر من ذهب 
والصحة من ذهب و والوقت من ذهب ؟
فلماذا لا نستفيد من أوقاتنا ؟
لماذا لا نعرف قيمة الحياة ؟
والذهن البشري أليس ثروة ؟
فلما نشقى بالجنون ولا نسعد بالعقل ؟ 
إن الصحة والوقت والعقل , كل ذلك مال ,
 
 
وكل ذلك من أسباب السعادة لمن شاء أن يسعد . 000
 
 
 
وملاك الأمر كله الإيمان ورأسه الإيمان ,
 
الإيمان يشبع الجائع ويغني الفقير , ويسلي المحزون ,
 
ويقوي الضعيف ,ويجعل للإنسان من وحشته أنسا . 
 
 
ويختم الشيخ الطنطاوي رحمه الله مقالته بقوله : 
 
 
 
" إنكم سعداء ولكن لا تدرون "
 
 
 
سعداء إن عرفتم قدر النعم التي تستمتعون بها ,
 
 
سعداء إن عرفتم نفوسكم وانتفعتم بالمخزون من قواها ,
 
سعداء إن طلبتم السعادة لا مما حولكم ,
سعداء إن كانت أفكاركم دائما مع الله فشكرتم نعمة ,
وصبرتم على كل بلية , فكنتم رابحين في الحالتين ,
ناجحين في الحالتين .